حين يقدم الإنسان على مشروعٍ ويتبناه، يسعى بأخذ كافة الأسباب الممكنة لدراسته وإنجاحه وإصلاحه. تبني الحياة الزوجية كمشروع لدى الزوجين يعني ذلك أنه عليهُما السعي لإنجاحه منذ بداية الحياة الزوجية. فمن غير المعقول أن يتبنى أحدٌ مشروعًا، وينتظر من الآخرين أن ينجحوه له، بل عليه أن يُقدم بكل حماسته ويستثمر كلّ ما لديه من امكانات وقدرات لإنجاح هذا المشروع.
الرغبة هي أهم عامل لنجاح المشروع،فعلى الزوجين البحث عميقًا في داخلهما عن الرغبة الحقيقية لنجاح العلاقة، وتقييم مقدار هذه الرغبة وترجمتها بشكل قابل للقياس على أرض الواقع والعمل عليه.ولا يأتي ذلك إلا بكتشاف معنى الزواج وفوائده ولماذا الزواج؟
والقراءة الموضوعية للذات تعني الإقرار بكوامن النقص لدى الشريك في الحياة الزوجية والاعتراف بها، ولا تأتي من كون المرء مُدّعيًا كمال نفسه مما يجعله عائقًا له عن التطور.تماما كما يسعى المريض لعلاج نفسه بإقراره بمرضه دون أن ينكر حاجته لزيارة الطبيب!ومن هذا المنطلق يبدأ الناقد بسؤال نفسه سؤالًا مهمًا: هل أمتلك مهارات وقدرات تمكنني من إنجاح علاقتي الزوجية؟ ماهي؟ وكيف أسعى لتطويرها؟وحتى يعرف هذه الإمكانات لابد أن يكون لديه معيارًا ذاتيًا يحدد من خلاله مدى معرفته عن علاقته الزوجية، ومدى حاجته لزيادة هذه المعرفة باكتشاف نقاط القوة واستثمارها، ونقاط الضعف والعمل على إصلاحها.
من أين تأتي المعرفة في الحياة الزوجية؟المعرفة تأتي من خلال التعليم، والتدريب، والممارسة.فما الذي أحتاج أن أتعلمه عن العلاقة الزوجية؟ ومن ماذا؟ وكيف؟لدينا طريقتان تساعدنا على الإجابة عن هذه الأسئلة، إحداهما هي التعلم عن طريق الكتب، والمحاضرات، والددورات ،والاستشارات التي تقدم عونًا كبيرًا في طريقة التعامل بين الزوجين، وإيضاح الخلل في علاقتهما، وكيفية التعامل معها.أما الطريقة الأخرى فهي التعلم من خلال احتكاك الزوجين ببعضهما البعض، فيتعلم تبادلي بينهما.وكذلك من المهم جدًا أن يسعى كلاهما إلى زيادة معرفة حجم وطبيعة الاختلاف بينهما سواء الاختلاف في الجنس (ذكر وأنثى) أو اختلاف الشخصية أو البيئيات الاجتماعية والجغرافية
ختزل الصورة النمطية للإنسان المثقف في شهادته العلمية ومكانته ومنصبه العلمي، والتي يعتقد أحد الزوجين بأن شريكه مثقف بالقدر الكافي حينما تكون لديه درجة علمية معينة،فالشهادة العلمية أو المنصب العلمي العالي لا يغني عن الثقافة في الحياة الزوجية، فمن هو المثقف الزواجي؟المثقف الزواجي هو من لديه القدرة على اكتشاف أخطائه وإصلاحها من أجل الآخر، وكذلك هو من لديه القدرة الكافية على اكتشاف حاجات الطرف الآخر وإشباعها.فمن لديه الرغبة والقدرة على أن يكون موضوعيًا ويسعى لاكتشاف أخطائه سواءً بالبرامج أو المحاضرات أو حتى بالاحتكاك الدائم مع شريكه وتفهم حاجاته، هو الذي يسعى لإصلاح مشروع الزواج.ومن المهم التنويه هُنا بأن الاستشارات والكتب والمحاضرات ماهي إلا وسائل مساعدة فقط، والنجاح الحقيقي في الحياة الزوجية يتطلب رغبة كبيرة وسعي دؤوب وعطاء مستمر من الشريكين، حيث من المهم أن نتعلم السعادة في العطاء، وإرادة كليهما في إسعاد الآخر.