في حقيقة الأمر لا يقبل الإنسان على نفسه أن يذعن إذعانًا تامًا إلى أي أمر لا يهواه أو يصبُّ في مصالحه ومعتقداته، ولكنه بطبيعة الحالقد يتعرض إلى الابتزاز العاطفي في علاقاته بمن حوله، لكي يمارسوا سيطرتهم عليه، ولأنّه لا يريد أن يزيد من فجوة هذه العلاقات حينما لايلبي حاجاتهم، فقد يلجأ أحيانًا إلى الخضوع والإذعان، وهنا نتكلم عن الإذعان الواعي (الذكي) الذي يساعده على تنفيذ ما يرغب بهالآخرون ولكن بشروطه الخاصة.
للإذعان الواعي (الذكي) أساليب عدة نذكرها كما يلي: -
وهو عكس المقاومة المباشرة لما يريدك المسيطر أن تقوم به، حيث عليك أن تقوم باستمالته لك من خلال أسلوب المجاراة والعطف، وهذا لا يعنيأنك تنفذ ما يريده منك، ولكن يعني أن تحتويه من خلال سماعك لما يرغب بقوله، وتقدر وجهة نظره بهدوء وابتسامة فتخبره بأنّك "مقدر لما يرغببه ومتفهم وجهة نظره تمامًا، ولكنك لا تستطيع تنفيذ ما يريده منك"، فالتحاور والتفهم المباشر أجدى من المقاومة والصمت أو الثوران.
فحينما يطلب منك شريكك مثلًا أن تقوم بشيءٍ خاطئ ينافي معتقداتك، لابد أن تكون حازمًا في رفضك لما يريده ولكن بطريقةٍ لينة، فأنت لنتنفذ ما يطلبه منك إذا كان شيئًا ليس قابلًا للتفاوض.
يقول تعالى: {اذهبا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى* فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}، فأساس التفاوض لابد أن يكون بالقول اللين وبالحلم،وهذا لا يعني القبول أو الخضوع ولكنه الحزم اللين البعيد عن القسوة.
لابد أن نضع في اعتبارنا أنه ليس كل ما يطلبه شريكنا شيئًا لا يمكن الإذعان إليه، فقد تكون هناك أمور قابلة للتفاوض والتنازل، وهذا مايجب على الشريك أن يكون منفتحًا إليه ومتقبلًا له، ففي حين أنه توجد طلبات لا يمكن تنفيذها إلى أنه هناك طلبات يمكن تنفيذها؛ لتحقيق علاقة متزنة بين الطرفين، ومن خلال التفاوض والمصارحة سيصلان بلا شك إلى نقطة مشتركة.
هل يعلم المبتز عاطفيًا بأنه مبتز؟ أم يرى بأن طريقته وأسلوبه هي الطريقة الوحيدة الأمثل لطلب ما يريد؟ بمعنى آخر هل يقصد المبتز أن يكون مبتزًا؟
أحيانًا لا يقصد المبتز أن يكون مبتزًا، ولكنها طريقته الوحيدة التي يعرفها لطلب ما يريد، فقد يستخدم الصغار أسلوب الابتزاز مع آبائهم لأنّ آباءهم يمارسون ذات الأسلوب على شركائهم، حيث يلجأ الصغار إلى البكاء مثلًا والصراخ حينما لا تنفذ أوامرهم لأنهم قد رأوا مسبقًا أشخاصًا بالغين يمارسون ذات الأسلوب.
وهذا يعني أنه ليس كل من يستخدم أسلوب الابتزاز يمارسه بتعمد، وهنا تأتي أهمية السعي نحو تعديل هذا السلوك قبل رفض الطلب.
إن الإذعان الواعي (الذكي) فنٌ يتطلب ممارسة ومعرفة للتوصل إلى الاتقان، ولمساعدتك على التعرف أكثر على الإذعان وأساليبه، وكيف تسيطر على الابتزاز العاطفي حالما تواجهه قم بزيارة موقع الأستاذ علي العباد والاشتراك في دورة "توازن القوى بين الزوجين".